لمن سأشكو ؟
"من كلمات الشاعر فاروق جويدة"
عام مضي ..
وأراك تسكن
حبة العين التي
حملتك نهرا من دموع
مازلت تسري في دمي
وتشيع كالصلوات
نورا في الضلوع
ما زلت أقفز
من منامي رهبة
إن عاد صوتك في صلاة الفجر
يبكي في خشوع
ما زلت أجري كلما همت
بباب البيت طرقة زائر
أو جاء صوت النورس
المجروح ينزف ..
مات قلبي .. في الضلوع
ما زلت أبحث عنك
في صوت المآذن كلما
قام الإمام إلي الصلاة
أطل وجهك
خاشعا بين الجموع
ما زلت أبحث عنك
حين يضئ صوتك يقرأ القرآن
ينهل نور خير الخلق ..
يسبح في البخاري
وابن حنبل والغزالي
ما زلت كالطفل الصغير
أدور في الحجرات
اسأل كل شيئ عنك
أتعبني سؤالي
ما زلت أسأل كل حرف
طاف في رأسي
وأرقني
وحلق في خيالي
في كل شيئ يا أبي ألقاك
في ضعفي .. وخوفي ..
وابتهالي
فمتي ستنبت يا أبي
بين الثري زهرا وعشبا
وبأي جزء في سماء الكون
سوف تصير سحبا ..
وبأي أرض سوف تشرق يا أبي
فجرا وحبا
وبأي نهر في بلاد الله
تسري بالرحيق
وتملأ الأرجاء خصبا
رغم انشطار مسارنا
في كل نبض في الجوانح
لم أزل أخفيك قلبا
رغم ابتعاد مكاننا
ما زلت في العين الحزينة
يا أبي تزداد قربا..
كل الذئاب الآن
تعوي في مدينتنا
وتأكل خبز أطفالي الصغار
فالدرب ضاق من الخطي
والقيد حول يدي نار
والناس تسكر في ظلام الليل
من دم النهار
وأنا أعيش وفوق وجهي
ألف وجه مستعار ..
فزماننا زمن قبيح
كم كنت أبحث عنك
والأشباح في رأسي
وسم الخوف يسري في دمي
وأنا علي صمتي ذبيح
في كل عش في مدينتنا
صغير مات ..
أو طير جريح
في كل بيت شاهد
وبكل بستان ضريح
لم يبق في صمت المدينة
غير غربان تصيح
ولدي يسائلني
لماذا ترحل الأطيار
عن أوطاننا
وتموت أشجار النخيل
علي مشانق أرضنا
وبأي وجه سوف يحيا في زمان
علم الأطفال نبش قبورنا ؟
وبأي صوت سوف ينطق
والرصاص يدور كالإعصار
فوق رءوسنا
هل من غد ..
والموت يرقص حولنا
قد جاء تجار الرقيق
ليحرسوا أعراضنا
والآن ترتع وصمة العار القديم
علي وجوه .. صغارنا..
وأمة ثكلي
تساق إلي المزاد
لم يبق من فرسانها
غير الصهيل
وأغنيات الحزن ..
أشلاء الجياد
لم يبق من نيرانها
غير السبايا والرماد
ماذا سنفعل نحن
في هذا المزاد
الناس تلبس في زمان العار
أثواب الحداد..
فلمن سأشكو يا أبي ..
لمن سأشكو يا أبي ..