بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم .......... و بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا اخوة لم نضع هذا الموضوع الا لابتغاء الحق
والظن فيكم انكم متبعون للحق لا تحكمون هوى ولا شيطانا
فقد جمعت بعض الأقوال في حكم المقامات
يقـول سماحتكم في قارئ القـرآن بواسطة مقامات هي أشبه بالمقامات الغنائية بل هي مأخـوذة منها أفيدونا بذلك جـزاكم الله خيـرا ؟
ج : لا يجوز للمؤمن أن يقرأ القرآن بألحان الغناء وطريقة المغنيين بل يجب أن يقرأه كما قرأه سلفنا الصالح من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ، فيقرأه مرتلا متحزنا متخشعا حتى يؤثر في القلوب التي تسمعه وحتى يتأثر هو بذلك . أما أن يقرأه على صفة المغنيين وعلى طريقتهم فهذا لا يجوز .
المرجع :مجموع الفتاوى لابن باز 9/290
فتوى
في قراءة القرآن بما يخرجه عن استقامته
الحمد لله رب العالمين:
ما تقول أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين, وجعلهم عاملين بما علموا, مخلصين مصيبين - في قراءة القرآن بما يخرجه عن استقامته التي أجمع أئمة القراءة عليها, من تمطيط أو ترجيع بالألحان المطربة, أو مدٍّ مجمع على قصره, أو قصرٍ مجمع على مدِّه, أو إظهار ما أجمع على إدغامه, أو إدغام ما أجمع على إظهاره, أو تشديد ما أجمع على تخفيفه, أو تخفيف ما أجمع على تشديده, أو بما يزيل الحرف عن مخرجه أو صفته, وما أشبه ذلك مما يعانيه بعض القراء, هل تجوز تلك القراءة؟ وهل يجوز سماعها أو استماعها, فإن لم تجز فهل يلزم سامعها أن ينكر على قارئها؟ فإن لزمه وتركه هل يأثم؟ وإن أنكر على قارئها ولم يقبل القارئ فهل يجب عليه شيء أم لا؟ أفتونا مأجورين رحمكم الله , والحمد لله وحده.
أجاب شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية:
الحمد لله, النَّاس مأمورون أن يقرؤوا القرآن على الوجه المشروع, كما كان يقرؤه السلف مِن الصحابة والتَّابعين لهم بإحسان, فإنَّ القراءة سنَّةٌ يأخذها الآخِرُ عن الأول, وقد تنازع النَّاس في قراءة الألحان, منهم مَن كرهها مطلقاً؛ بل حرَّمها, ومنهم مَن رخَّص فيها, وأعدل الأقوال فيها أنَّها إن كانت موافقةً لقراءة السَّلف كانت مشروعة, وإن كانت مِن البدعِ المذمومةِ نُهِيَ عنها, والسَّلف كانوا يُحسِّنون القرآن بأصواتهم مِن غير أن يتكلَّفوا أوزان الغناء, مثل ما كان أبو موسى الأشعري يفعل, فقد ثبتَ في الصحيح عن النبي أنَّه قال: (( لقد أُوتِيَ هذا مزماراً مِن مزامير آل داود )), وقال لأبي موسى الأشعري : (( مررتُ بك البارحةَ وأنتَ تقرأُ فَجَعَلْتُ أستمعُ لقراءتك )) فقال: لو علمتُ أنَّك تسمع لحَبَّرتُهُ لك تحبيراً. أي: لحسَّنتُهُ لك تحسيناً, وكان عمر يقول لأبي موسى الأشعري : يا أبا موسى ذكِّرنا ربَّنا, فيقرأُ أبو موسى وهم يستمعون لقراءته, وقد قال النبي : (( زيِّنوا القرآن بأصواتكم)), وقال: (( للهُ أشدُّ أَذَناً إلى الرَّجلِ الحَسَنِ الصَّوتِ بالقرآنِ مِن صاحب القَيْنَةِ إلى قَيْنَتِهِ)), وقال: (( ليس مِنَّا مَن لم يَتَغَنَّ بالقرآن )), وتفسيره عند الأكثرين كالشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما هو تحسينُ الصَّوتِ به, وقد فسَّره ابن عُيينة ووكيع وأبو عُبيد على الاستغناء به, فإذا حَسَّنَ الرَّجلُ صوته بالقرآن كما كان السَّلف يفعلونه - مثل أبي موسى الأشعري وغيره – فهذا حَسَنٌ, وأمَّا ما أُحدِثَ بعدَهم مِن تَكَلُّفِ القراءةِ على ألحان الغناء فهذا يُنهى عنه عند جمهور العلماء, لأنَّه بدعة, ولأنَّ ذلك فيه تشبيهُ القرءانِ بالغناء, ولأنَّ ذلك يُورِثُ أن يبقى قلبُ القارئ مصروفاً إلى وَزْنِ اللَّفظِ بميزانِ الغناء, لا يتدبَّره ولا يعقله, وأن يَبْقَى المستمعون يُصْغُونَ إليه لأجل الصوتِ المُلَحَّنِ كما يُصْغَى إلى الغناء, لا لأجلِ استماعِ القرآن, وفهمِهِ, وتدبُّره, والانتفاع به, والله سبحانه أعلم. انتهى من جامع المسائل تحقيق محمد عزير شمس 3/301
قال الإمام ابن رجب (رحمه الله) في (نزهة الأسماع في مسألة السماع):
قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، على طريقة أصحاب الموسيقى، فرخص فيه بعض المتقدمين إذا قصد الاستعانة على إيصال معاني القرآن إلى القلوب للتحزين والتشويق والتخويف والترقيق.
وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعاً ولم يثبت فيه نزاعاً، منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة.
وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع، وتلهي عن تدبّر ما يحصل له من الاستماع حتى يصير التلذذ بنجرد سماع النغمات الموزونة والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن.
وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد. اهـ.
(مجموع الرسائل ص 463).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في الإستقامة :
" ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات وغيره " (1/ 246 )
وقال القرطبي رحمه الله في حين تكلم عن حرمة القرآن قال :
"
ومن حرمته ألا يقعر في قراءته كفعل هؤلاء الهمزيين المبتدعين والمتنطعين في إبراز الكلام من تلك الأفواه المنتنة تكلفا فإن ذلك محدث ألقاه إليهم الشيطان فقبلوه عنه ومن حرمته ألا يقرأه بألحان الغناء كلحون أهل الفسق " ( 1 / 29 )