الحمد لله و بعد ............
* : رواة الحديث
رواه الإمام الترمذي وغيره من طريق قُرَّة بن عبد الرحمن عن الزُهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
* متن الحديث
:" من حسن إسلام المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه "
* درجة الحديث
حديث ضعيف مع شهرته
* تخريج الحديث
هذا حديث ضعيف مع شهرته وقول أبو داود السجستاني أنه ربع الإسلام ، لكنه حديث ضعيف عند أهل المعرفة بالحديث ، ومن قوَّاه أو حسَّنه من أهل العلم فلم يستوفي طرقه ، ولم ينظر فيه نظرة صحيحة ، هذا الحديث حديث: " من حسن إسلام المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه " رواه الإمام الترمذي وغيره من طريق قُرَّة بن عبد الرحمن عن الزُهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال: " من حسن إسلام المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه " ، المعني جميل وقد ورد هذا المعني في أحاديث كثيرة لكن ليس بهذا اللفظ المباشر " من حسن إسلام المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه " والعبرة عند جماهير المحدِّثين: بالإسناد قبل المتن ، لا يكفي أن يكون الإسناد جميلًا لأن كثيرًا من بني أدم تكلموا بالحكمة ، وكلام النبي- صلي الله عليه وسلم- هو الحجة اللازمة التي لا يحل لأحد أن يخالفها إلا بحجة منه أيضًا- صلي الله عليه وسلم- ، كأن يكون الحديث منسوخًا مثلًا ، لكن لا يحلُّ لأحد أبدًا أن يرد كلامًا للنبي- صلي الله عليه وسلم- ثبتت صحته عنه .
وصرَّح بهذا كثير من العلماء منهم يحي بن سعيد القطان قال: (لا تنظروا إلى المتن حتى يصح الإسناد) ، فالعبرة عندنا بثبوت الإسناد ،لأن كلام النبي- صلي الله عليه وسلم- ليس ككلام أي أحد ، وهو الذي صرَّح بذلك لما قال:" إن كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد ، من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار " .
وبحثنا في الأصل إسنادي ، دعك من هؤلاء الجهلاء الذين يغضون الطرف عن الإسناد وينظرون في المتن ، ويستشكلون المتن ويقولون هذا حديث موضوع مثل مجموعة الجهلة الذين خرجوا هذه الأيام ويضعفون الأحاديث الواردة في البخاري ومسلم ، لأنها لم توافق عقولهم ، وقد جعلوا عقولهم حاكمة على عقول العالمين ، مع أنه هذا الذي اشتبه عليه مفكوك عند كثيرين آخرين من أهل النظر ممن درسوا الأصول ودرسوا الآلات ، لكن هؤلاء من غرورهم أنهم يعتقدون أن ما كان باطلًا لابد أن يكون باطلًا عند الآخرين ، حديث:" من حسن إسلام المرءِ تركه ما لا يعنيه " هذا الحديث يرويه قُرة بن عبد الرحمن عن الزُهري عن أبي سَلمه عن أبي هريرة أن النبي- صلي الله عليه وسلم- ، وهذا اسمه حديث مرفوع ، أي قاله النبي- صلي الله عليه وسلم-
قُرَّة بن عبدالرحمن: ثقة ، لكنه لم يكن في الزُهري بذاك وهذا مما ينبغي أن يلتفت إليه طالب الحديث ، قد يكون الراوي ثقة في نفسه لكنه ضعيف إذا روى عن شيخ معين ، نقول مثلًا معمر بن راشد في الأصل بصري من العراق ثم هاجر إلى اليمن فلما أعجب أهل اليمن بحفظه وخافوا أن يخرج من اليمن ويرجع إلى البصرة مرة أخري ، قالوا قيدوه ، فزوجوه ، فلما تزوج من اليمن مكث في اليمن وكان بركة علي اليمن في عصره إذ رحل كبار المحدِّثين مثل أحمد بن حنبل ومثل بن معين ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وهؤلاء كلهم رحلوا إلى عبد الرَّازق ، وكانت الرحلة إلى اليمن آنذاك في عصره إليه .
معمر بن راشد: أبو عروة البصري ، ثقة نبيل كبير المحِل ولكنه إذا روى عن قتادة أتى بالغرائب ، فحينئذٍ نقول معمر بن راشد ثقة ثبت إلا إذا روى عن قتادة يكون حديثه ضعيف ، كذلك إذا روى عن ثابت بن أسلم البُناني البصري يأتي بالغرائب فيكون معمر بن راشد في ثابت وقتادة ضعيف ، أما في سائر العلماء لاسيما في الزُهري كالمسمار في الساج ، ثقة ، ثبت ، إذاً ممكن يكون فيه راوي ثقة ولكنه يُضَّعف في شيخ معين .
قُرَّة بن عبدالرحمن: قال يزيد بن السنت: كان أعلم الناس بالزُهري ، العلماء ردوا هذه المقالة وقالوا: نعم هو أعلم الناس بأحواله بفتاويه ولكن ليس بالرواية ، ونص على هذا بن حبان في ترجمة قُرَّة بن عبد الرحمن في الثقات وذكر أنه كل الذي عند قُرَّة عن الزُهري لا يبلغ ستين حديثًا ، إنما الأثبات في حديث الزهري.
أصحاب الزُهري خمس طبقات.
الطبقة الأولى: مالك ، معمر ، سفيان بن عيينة ، محمد بن الوليد .
الطبقة الثانية: عُقيل بن خالد ، شُعيب بن أبي حمزة ، يونس بن يزيد وفيه بعض العلماء يضع يونس فوق لكن هذا إجمالًا .
الطبقة الثالثة: بن جُريج والليث بن سعد والليث وذويهم .
الطبقة الرابعة: النعمان بن عبد السلام وذويه .
الطبقة الخامسة: أصحاب الزهري سُفيان بن حُصين وذويه .
أصحاب الزهري خمس طبقات ، الأثبات في حديث الزهري الطبقة الأولى مالك ، ومعمر ، وسفيان بن عيينة ، ومحمد بن الوليد .
فهذا الحديث يرويه قُرَّة ، وانتبه إلى هذا الإسناد القادم ،قُرَّة بن عبد الرحمن عن الزُهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة ، أما أصحاب الزُهري من الطبقة الأولي الكبار مالك ، ومعمر ، عبيد الله بن عمر ، زياد بن سعد ، وغيرهم يرون هذا الحديث عن الزُهري عن علي بن الحسين بن أبي طالب أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال ، هذا مرسل ، ولذلك صحح المرسل في هذا الحديث أئمة كبار مثل البخاري في التاريخ الكبير ، مثل الترمذي في سننه لما رواه ، كالعُقيلي في كتاب الضعفاء ، الدار قطني قي العلل ، البيهقي في شعب الإيمان ، أبو نُعيم الأصفهاني في حلية الأولياء ؟، وغيرهم من أهل العلم الكبار من المتقدمين والمتأخرين ضعفوا هذا الحديث بالإرسال ، إنما الإسناد الموصول الذي قلت لكم عليه في الأول رواه قُرة بن عبد الرحمن عن الزُهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة هذا حديث معلٌ بالمخالفات .
الخلاصة:لا يصح حديث: " من حسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه " إلا مرسلًا والمرسل من أقسام الحديث الضعيف
المصدر : حلقة فضفضة إيمانية - قناة الناس الفضائية - 12-8-2009
لفضيلة الشيخ العلامة المحدث / أبي إسحاق الحويني