أبوعمارالأنصاري مشرف
عدد الرسائل : 163 العمر : 31 العمل: : طالب علم القارئ المفضل : سعد الغامدي-ماهرالمعيقلي تاريخ التسجيل : 15/07/2010
| موضوع: خالد الجندي في ميزان العقل والنقل (1) الأربعاء 04 أغسطس 2010, 3:03 pm | |
| الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على النبي المصطفى الأمين وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين وبعد: فيقول الله تعالى في القرءان الكريم:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ). من هنا، ولكون أمتنا خير الأمم وأن من مزاياها أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أخذنا على عاتقنا ألا تأخذنا في كلمة الحق لومة لائم، ولا تعذال ءاثم، لأن التصدي للمتعالمين والمتفيقهين هو من أعظم الجهاد، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتلاطمت فيه المحن. وبسبب أناس تصدوا للعلم فأفتوا بغير علم أو بعلم، ولكن تنكبوا عن جادة الحقيقة فزوَّروها وغيَّروها بسبب أهداف خاصة فضلوا وأضلوا. ومن هؤلاء شيخ مصري يلبس زي أهل العلم حينًا وينزعه حينًا ءاخر وذلك بحسب ظروف العرض والطلب وهذا الشيخ يدعى "خالد الجندي" الذي يتنقل من فضائية إلى أخرى. ولا يغرنَّك "أخي القارئ" أنه شيخ أزهري، بل يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا يُعرَفُ الحق بالرجال إنما يُعرَفُ الرجال بالحق". وما ردنا عليه لأنه يزاحمنا على عَرَض زائل من الحياة الدنيا، بل حرصًا منا على دين المسلمين وعقائدهم. وقد رد عليه الكثير ولم نجد منه إلا التمادي فكان لا بد من رد متميز، لا بمجرد مقال أو بيان عابر. وإنما جاء ردنا هذا موثقًا من أشرطة مسجلة بصوته وبرامج قدمها في الفضائيات وكتاب كتبه مع مجموعة أخرى من المشايخ تحت عنوان "الهاتف الإسلامي" وتفرد اسمه على العنوان وقد أشرنا لكل فتوى إلى مصدرها الأساس بالتاريخ والأرقام. وإليك عزيزي القارئ بعض هذه الأقوال التي لا تمت إلى الدين بصلة، والتي يَنْدى له جبين كل شريف يخاف الله. ولا عبرة بالإمَّعة الرِّعاع أتباع كل ناعق.
* خالد الجندي يزعم أن: غير المتقين لا ينتفعون بالقرءان
قال خالد الجندي في شريطه المسمى "الرزق وإنفاقه" الجزء الثاني: "أي واحد تاني غير المتقين دول مش حينتفع بالقرءان، مهما تلاه مهما قرأه مهما عمل لا بد أن يكون تقي". الرد: المتقون الذين أدوا الفرائض وتركوا المحرمات وقرأوا القرءان ينفعهم كل حرف يقرأونه وهو حسنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
وكذلك غير التقي لو قرأ القرءان مخلصًا لله تلاوة صحيحة بعد أخذها بالتلقي ينتفع. ولربما هذا المسلم العاصي قرأ ءاية أو أكثر فأثرت في قلبه تأثيرًا بالغًا فأخذته الخشية من الله وتاب إلى الله وأقلع عن المعاصي والذنوب ألا يكون قد انتفع بهذه التلاوة ولا شك انتفع فكيف يقول خالد الجندي "مُشْ حَيِنْتِفع" (أي لا ينتفع باللهجة المصرية) بالقرءان إلا أن يكون تقيًّا، هذا تكذيب للشرع. وقد يكون كثير من المسلمين يُصلون ويصومون ويقرأون القرءان لكن أحيانًا يعملون بالنميمة أو الغيبة أو يشهدون زورًا هؤلاء ليسوا أتقياء ولكن أي عاقل يقول لا تنفعهم صلاتهم ولا صيامهم طالما أدوها على الوجه الصحيح. ثم خالد الجندي يناقض نفسه لأنه في نفس الشريط قال: "فلما بيسلموا دخلوا في الإسلام خلاص حينتفعوا بالقرءان"، فهنا مجرد أنهم صاروا مسلمين قال بينتفعوا بالقرءان وقبلها قال لا مش حينتفعوا حتى يكونوا أتقياء وليس كل مسلم تقي.
* خالد الجندي يسمي الله بغير ما ورَدَ ورَدّ عليه مع تفنيد ضلاله بهذه المسألة
ثم كيف يسمي الله تعالى الطبيب الأعظم، وهذا ما ورد في القرءان ولا في السنة ولا في تعداد أسماء الله الحسنى، قال تعالى:{وَللهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ (180)} [سورة الأعراف]. فمن أراد النجاة فليتبع القرءان والسنة والعلماء العاملين المعتبرين حتى لا يزيغ وليطلب العلم من أهل العلم الثقات حتى لا يضل ويهلك. وقال عبد القاهر البغدادي في "الفرق بين الفرق": "إن أهل السنة يقولون إنّ مأخذ أسماء الله تعالى التوقيف عليها إما بالقرءان وإما بالسنة الصحيحة وإما بإجماع الأمة فلا يجوز إطلاق اسم عليه من طريق القياس". قال خالد الجندي القرءان الكريم لن ينفع إلا من كان متخلصًا من الذنب في شريط مسمى "كيفية الانتفاع بالقرءان".
الرد: هذا الكلام خلاف الحقيقة وخلاف الواقع فكم من أناس كانوا فاسقين قطاع طريق مذنبين ثم بسماع تلاوة ءاية من القرءان أثّرت فيهم وتغيرت أحوالهم وتابوا إلى الله وصاروا من الأولياء العارفين. هذا الفضيل بن عياض رحمه الله الذي كان يسطو على القوافل بقطع الطريق أبصر ذات ليلة امرأة جميلة مع القافلة وقال لا أريد الليلة من هذه القافلة إلا هذه المرأة ثم في الليل قام متوجهًا إلى خيمتها فسمعها تقرأ قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ (16)} [سورة الحديد] فتاب إلى الله تعالى وصار من أولياء الله العارفين، هذا ما كان متخلصًا من الذنوب ونفعه القرءان نفعًا عظيمًا. وحصل ما يشبه هذا مع غير الفضيل لخلق كثير من العصاة والفاسقين، وحتى إن بعض الكفار دخلوا في الإسلام بعد سماع القرءان ومن راجع قصص إسلام بعض الصحابة لوجد ذلك.
* خالد الجندي يقول: لا ينتفع الشخص بأداء فرض وقد ترك ءاخر
قال خالد الجندي في شريط الرزق وإنفاقه الجزء الثاني: "الإيمان كل لا يتجزأ. ما بينفعش واحد يقول لك أنا أصلي ولا أدفع الزكاة أو أدفع الزكاة ولا أصلي. مينفعش واحد يقول: أنا متيقن بالآخرة بس الشهوات غلبت عليّ". ثم قال: "إما أن تؤمن أو لا تؤمن".
الرد: الله تعالى قال:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيرًا (47)} [سورة الأحزاب] والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة". قال أبو ذر قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: "وإن زنا وإن سرق" قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال:"وإن زنا وإن سرق ثلاثًا " ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر" الحديث رواه مسلم . ففيه أنّ من مات على الإيمان لا بد له من دخول الجنة ولو مات وهو غير تائب من الكبائر، وهو بمعنى حديث ابن حبان مرفوعًا إلى النبي: "من كان ءاخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه". فكيف تجرؤ على القول يا خالد إذا شخص قال أنا أصلي ولا أدفع الزكاة مينفعش.
ومن قال من العلماء إن من شروط صحة الصلاة دفع الزكاة ، ومن قال من أركان الصلاة دفع الزكاة. وماذا تفعل بحديث أبي ذرٍ رضي الله عنه المار ذكره: "من قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك دخل الجنة". ثم ألم تقرأ قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13)} [سورة الفتح] فقد بينت الآية أنّ من لم يجمع الإيمان بالله مع الإيمان بالرسول محمد أنه كافر وأنّ الجنة حرام عليه.
ويُفهم من هذه الآية أن من جمعهما فهو مسلم مؤمن يدخل الجنة لا بد. ثم كيف تجرؤ على القول: مينفعش واحد يقول لك "أنا متيقن بالآخرة بس الشهوات غلبت عليّ". ثم تقول له "إما أن تؤمن أو لا تؤمن" ألم تعلم أن الإمام مسلمًا رحمه الله روى في صحيحه لما كان يوم غزوة تبوك وأصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فقال رسول الله: "افعلوا"، فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلت قلّ الظهر أي الركوب ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك.
فقال رسول الله: نعم فدعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكف تمر ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شىء يسير إلى أن قال عليه الصلاة والسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله تعالى بهما عبدٌ غير شاك فيحجب عن الجنة"، وفي رواية "إلا دخل الجنة" أي لا يموت عبد وهو يؤمن بالله ورسوله بلا شك إلا أدخله اللهُ الجنةَ أي لا يحجب عن دخولها حجبًا كليًّا مؤبدًا، فإما أن يدخل الجنة قبل عذاب، وإما أن يدخلها بعد العذاب على ذنوبه التي لم يتب منها.
فكيف تقول لمن تيقن بالآخرة يعني ءامن بالله ورسوله والآخرة لكن الشهوات غلبته كيف تقول مينفعش.
ثم أما بلغك ما رواه البخاري أنّ الرسول قال: "فإنّ الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" أي يبتغي بذلك القُرب إلى الله فهذا بيان أنّ من ءامن بالله ورسوله لا بد أن يدخل الجنة بشرط أن يموت على ذلك ولو غلبت عليه الشهوات.
* خالد الجندي يفتري على سفيان بن عيينة
قال خالد الجندي في شريط " الرزق وإنفاقه " ناقلا عن سفيان بن عيينة أنه قال للسائل: " والله لو ما حجّوا ما نفعهم الإقرار الأول يعني الشهادتين ولا الصلاة ولا الهجرة ولا الجهاد ولا الصيام ولا الزكاة " .
الرد: هذا كذب على الإمام ابن عيينة المحدث الكبير والإمام الورع وافتراء واضح فكيف ينفي عن إنسان أقرّ وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلى وصام وزكى وهاجر وجاهد كيف ينفي بعد ذلك نفع هذه الأركان العظيمة له لأنه لم يحج ، ومعلوم بالإجماع أنّ الشخص الذي استطاع الحج وأهمل وتكاسل وبخل ولم يحج فقط هو من أهل الكبائر إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له . والله تعالى يقول :{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء (48)} [ سورة النساء] .
والرد الذي سبق هذا فيه الأدلة الكافية على بطلان كلام خالد الجندي وافترائه الواضح على سفيان بن عيينة وكذبه عليه .
ثم أما بلغه ما قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته المسماة " العقيدة الطحاوية " ، والتي بدأها بقوله : " هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة " ، قال : " ولا نكفّر أحدا من أهل القبلة-أي المسلمين- بذنب ما لم يستحله" وهذا الرد نفسه على كلامه الفاسد الذي قاله في شريط الرزق وإنفاقه قال : فلان بيسرق وبيسكر وبيزني ويقتل وجاي يدّعي بلا إله إلا الله إللي ينجو بها يوم القيامة .
* خالد الجندي يقول: إن المرأة المسنة التي يؤذيها ماء الوضوء يجوز لها أن تمسح بدل الغسل.
قال خالد الجندي في القاهرة 30/12/2002 الساعة 11،45 أثناء لقاء معه ردّا على سؤال امرأة كبيرة بالسن تتأذى بالماء إن كانت تستطيع التيمم؟ . فيقول خالد الجندي : " التيمم مع وجود الماء لا يصح " ويقول : " لو مسحت بالماء مسحًا مكان الوضوء لانتفت المشكلة " .
الرد: هذا الرجل حتى في الأحكام الفقهية ليس له دراية وكأنه ما قرأ في كتب الفقه أنّ الفقد للماء نوعان: الفقد الحسي والفقد المعنوي .
فمن فقد الماء حسّا أو معنـًى يجوز له أن يتيمم . أما الفقد الحسي فهو أن لا يجد الماء في القدر الذي يجب فيه الطلب من المساحة ، وأما الفقد المعنوي فمثل أن يخاف على نفسه من استعمال الماء أو على عضو من أعضائه أو طول مرضه أو حدوث أثر فاحش في عضو من أعضائه ظاهر كتغير لون أو اليُبـْس في جلده .
فكيف تقول لا يصح التيمم مع وجود الماء أين ذهبت بالفقد المعنوي المذكور في كتب الفقه . أين أنت من يسْر دين الإسلام والرسول قال : " إنّ هذا الدين يسر ".
ثم عبارتك لو مسحت بالماء مسحا مكان الوضوء لانتفت المشكلة أما علمت أنّ من شروط الطهارة السيلان أي أن يسيل الماء بطبعه على العضو المغسول فلا يصلح المسح على الماء بدلا على الغسل في العضو المغسول .
* كلام لخالد الجندي في نسبة الحلول لله تعالى
قال خالد الجندي في نفس الشريط "الرزق وإنفاقه": "هو ما فيش حاجة في حياتك إلا وربنا فيها لأنه قال وهو معكم أينما كنتم". ثم قال: "كل واحد فينا في كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه".
الرد: اعلم وفقك الله أنّ قوله تعالى: {وهو معكم أين ما كنتم (4)} [سورة الحديد] يعني معية العلم معكم بعلمه أي أحاط بكم علمًا لا يخفى عليه شىء، وهذا بالإجماع.
فالله علم كل شىء قبل حصوله علم في الأزل نوايانا وخواطرنا وقصودنا وغير ذلك.
فهذه العبارة التي ذكر خالد "إلا وربنا فيها" قبيحة تفيد الحلول حسب ظاهرها فلو تعلَّمَ العقيدة والتوحيد ما تلفظ بها لأنها تفيد الظرفية. ثم قوله أي خالد "كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه".
أقول: نعوذ بالله تعالى من هذا الكفر فقد جعل الله تعالى يحل في القلوب، جعل الله جسمًا حادثًا وكذّب قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) } [سورة الإخلاص].
هذه الآية نفي للمادية والانحلال. وقد وقع خالد الجندي في كفر أهل الاتحاد والحلول وهو أشد أنواع الكفر وكذب قول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) } [سورة الشورى] وكذب قول ذي النون المصري: "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك".
ما عرف اللهَ من اعتقد أنّ الله يحل في الأشياء في القلوب أو الهواء أو الإنسان أو الشجر.
ورحم الله سيدنا محي الدين بن عربي الذي قال: "من قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد". فتأمل في هذا الكلام وانتبه يا خالد كيف تتكلم وتطلق العبارات لأنك ستحاسب يوم القيامة قال تعالى :{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [سورة ق] {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25)} [سورة الصافات].
وقد قال سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه: "لفظتان ثُلمتان في الدين القول بالوحدة والشطح المجاوز حدّ التحدث بالنعمة". وقال خالد الجندي أيضًا في شريط مسمى شرح الحديث القدسي عبدي أنفِق أُنفق عليك وهو معكم أينما كنتم الآية، والآية ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فقال: "كل واحد فينا في كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه، أقرب إليك من حبل الوريد".
الرد: أوَّلا هذه الآية معناها الإحاطة بالعلم، أي محيط بكم علمًا لا يخفى عليه شىء أينما كنتم، وهذه المعية تشمل جميع الخلق المؤمن والكافر، لأنّ الله عالم بأحوال الجميع بأحوال المؤمنين وبأحوال الكافرين لا يخفى عليه شىء، أما معية النُّصرة والكلاءة فهي خاصة بالمؤمنين الأتقياء. ومعنى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [سورة ق] أي أنّ الله تعالى أعلم بالعبد من نفسه، هو أعلم بنا من أنفسنا، الله تعظيمًا لنفسه يقول: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ (16)} أي إلى العبد { مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} والوريد عرقان في الإنسان من جانبي الرقبة ينزلان من الرأس ويتصلان بعرق القلب. وقد قال النازلي صاحب التفسير المعروف: "لا يجوز أن نقول إنه تعالى بكل مكان، وهذا قول جهلة المتصوفة"، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه: "قال عليّ الخواص ـ شيخه في التصوف ـ: لا يجوز أن يقال إنه تعالى بكل مكان، وأول من قال بهذا القول جهم بن صفوان".
فقول خالد الجندي الله في داخله في قلبه يفيد الحلول، ومن قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد كما قال الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله. ثم أما قرأ خالد نقل جلال الدين السيوطي الإجماع في كتابه "الحاوي للفتاوي" على تكفير من قال بالحلول أو الاتحاد. وهذا تجرؤ على الله بهذه الكلمات كأنه لم يقرأ كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته الشهيرة: "ومن وصفَ الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر"، وكأنه ما قرأ قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) } [سورة الشورى]. وقوله تعالى: { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [سورة الإخلاص]، وقوله تعالى: { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ (74) } [سورة النحل] أي لا تشبهوا الله بخلقه، وقوله تعالى:{ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ (60)} [سورة النحل] أي لله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره.
* خالد الجندي يفتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية مكذوبة
يقول خالد الجندي في شريط بعنوان "عليهم صلوات من ربهم": "كما حدث في الإسراء والمعراج يوم دخل النبي على بساط الأنس الإلهي في الحضرة الإلهية. وقال التحيات لله والصلاة الطيبات فقال الله لنبيه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته".
الرد: الله تعالى غني عن العالمين أي مستغن عن كل ما سواه أزلا وأبدًا فلا يحتاج إلى مكان يقوم به أو شىء يحل به أو إلى جهة. من صفات الإله أنه مستغن عن كل ما سواه وكل ما سواه محتاج إليه، ومن كان محتاجًا إلى مكان يستقر أو يتحيز فيه فإنه ليس إلهًا. وقد قال سيدنا علي كرم الله وجهه: "من زعم أنّ إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه "حلية الأولياء". وقال الإمام زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما في "الصحيفة السجادية": "سبحانك أنت
الله لا إله إلا أنت لا يحويك مكان لا تُحسُّ ولا تُمسّ ولا تُجس" رواه الحافظ محمد مرتضى الزبيدي
في"إتحاف السادة المتقين".ويكفي في تنزيه الله عن المكان والحيّز والجهة قوله تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ /11}فلو كان له مكان لكان له أمثال وأبعاد وطول وعرض وعمق ومن كان كذلك كان محدثًا
محتاجًا لمن حدّه بهذا الطول وبهذا العرض وهذا العمق، هذا الدليل من القرءان، أما من الحديث فما
رواه البخاري وابن الجارود والبيهقي بالإسناد الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كان الله ولم يكن شىء غيره" ومعناه أنّ الله موجود في الأزل ليس معه غيره لا ماء ولا هواء ولا
أرض ولا سماء ولا كرسي ولا عرش ولا جنيّ ولا ملائكة ولا زمان ولا مكان ولا جهات، فهو
تعالى موجود قبل المكان بلا مكان، وهو الذي خلق المكان فليس بحاجة إليه. وهذا ما يستفاد من
الحديث المذكور.
قال الإمام أبو حنيفة في "الفقه الأبسط": "كان الله ولا مكان، كان قبل أن يخلق
الخلق، كان ولم يكن أين ولا خلق ولا شىء وهو خالق كل شىء". "فمن قال لا أعرف ربي أفي
السماء أم في الأرض فهو كافر". كذلك من قال إنه على العرش ولا أدري العرش في السماء أم في
الأرض. وإنما كفّر الإمام علي رضي الله عنه قائل هاتين العبارتين لأنه جعل الله مختصًّا بجهة
وحيّز وكل ما هو مختص بالجهة والحيز فإنه محتاج إلى محدِث بالضرورة أي بلا شك.
فهذه العبارة التي تفوهت بها وهي قولك: "دخل على بساط الأنس الإلهي في الحضرة الإلهية" توهم جهة فوق لله تعالى والحضرة في اللغة هي المكان. فلو تعلمت العلم من أهل العلم الثقات لقلت وصل النبي إلى مكان سمع فيه صريف الأقلام أي أصوات الأقلام التي تنسخ فيها الملائكة من اللوح المحفوظ ولكنّ الجهل والكبر يهلكان صاحبهما، والغرور كذلك. أما هذه القصة المكذوبة التي يرويها بعض الكذابين وقد نالت مع كونها مكذوبة على الله والرسول شهرةً كبيرة فيجب بيان ذلك للناس.
والقصة المكذوبة هي قول بعضهم "لما وصل الرسول ليلة المعراج إلى المكان الذي سمع فيه خطاب الله قال التحيات لله فقال الله: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. قالت الملائكة السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين".
وهذه الصيغة لم تفرض تلك الليلة.
وقد كان بعض أصحاب رسول الله يقولون قبل أن تفرض عليهم صيغة التشهد السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل ثم قال لهم الرسول: "إنّ الله هو السلام" وعلمهم أن يقولوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
* خالد الجندي يزعم أن بلالاً سبق رسولَ الله إلى الجنة وأن الرسول تعلم من بلال
يقول خالد الجندي في شريط "عليهم صلوات من ربهم": رأى الرسول رؤيا عجبًا قال رأيت بلالاً يسبقني في الجنة. ثم سأل رسول الله بلالا يا بلال ماذا تفعل أكثر مما أمرتك به، قال ليه يا رسول الله. قال لقد رأيتك تسبقني في الجنة قال أنا لا أفعل شيئًا يا رسول الله غير أني لا أتوضأ وضوءًا إلا وأصلي لذلك الوضوء ركعتين.
فكان النبي لا يتوضأ بعدها إلا وصلى ركعتين ويقول هاتان الركعتان اللتان علمني إياهما بلال".
الرد: ليعلم أنَّ الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل وأشرف وأعلم خلق الله فأين علم بلال من علم الرسول محمد، وأين درجة بلال من درجة الرسول محمد. ثم هذه القصة المكذوبة من رواها وأين سندها .
ثم الرسول صاحب الشرع هو الذي علّم الناس وسنّ لهم ركعتين سنّة الوضوء وليس بلالاً.
ثم الرسول يعلّم الأمة ويعلّم بلالا سنّة الصلاة وسنّة الصيام والذكر وغير هذا ولا ينتظر هو الهول حتى يرى رؤيا ثم يسأل بلالاً فيقول له لا أتوضأ وضوءًا إلا وأصلي ركعتين. وكيف يقول الرسول لبلال بهذا سبقتني في الجنة ومعلوم أنَّ أول من يدخل الجنة هو سيدنا رسول الله محمد كما ورد في صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: "ءاتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن مَنْ؟ فأقول محمد فيقول الخازن بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك". فلا يدخل الجنة قبل رسول الله محمد لا نبي ولا رسول ولا صحابي.
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على قول محمد أعلم الخلق فكيف يعلّمه بلال رضي الله عنه
* خالد الجندي: يدعي أن ءايات القرءان ليست شفاء للناس
قال خالد الجندي في شريط مسمى "الفائدة المرجوة من القرءان": "وبيدّعوا إنو هناك ما يسمى بالعلاج القرءاني. العلاج بالقرءان يعني ءاية؟ ما فيش حاجة اسمها العلاج بالقرءان يقول القرءان ما أنزل حتى تعملوا أحجبة وتعاويذ.
القرءان ما نزلش عشان يسرع الولادة للست الحامل".
الرد: الظاهر أنَّ المدعو الداعية ينكر العلاج بالقرءان وتعليق الحروز التي ليس فيها إلا القرءان أو ذكر الله وإليك الأدلة على بطلان ما يقول.
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع، وفي رواية إسماعيل: إذا فزع أحدكم فليقل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، وكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من بنيه أن يقولها عند نومه، ومن لم يبلغ كتبها ثم علقها في عنقه، قال الحافظ: هذا حديث حسن أخرجه الترمذي عن علي بن حجر عن إسماعيل بن عباس، وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس، عن يزيد بن هارون. فبالله من نصدق خالد الجندي أو عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تعلم من الرسول بلا شك نصدق عبد الله بن عمرو، ثم في كتاب مسائل الإمام أحمد لأبي داود السجستاني ما نصه: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو داود قال: "رأيت على ابن لأحمد وهو صغير تميمة في رقبته من أديم" أي حرزًا ولا يعني التميمة التي هي خرزات التي ثبت النهي عنها بقوله عليه السلام: "إنّ الرقى والتمائم والتولة شرك"، فلا تغفل أيها الناظر.
وتلك التمائم التي نهى الرسول عنها لأنها كانت في الجاهلية يعلقونها على أعناقهم يعتقدون أنها بطبعها تحفظ من العين ونحوها من دون اعتقاد أنها تنفع بإذن الله ولهذا الاعتقاد سماها الرسول شركًا. ومما يدلّ على ما قدمنا الحديث الصحيح الذي رواه ابن حبان وهو: "نهى عن الرُّقَى والتّمائم إلا بالمعوّذات" فماذا تقول يا خالد الجندي في هذا الحديث وماذا تقول يا خالد في الإمام أحمد المشهود له بالاجتهاد المطلق والورع والتقوى والعلم أنترك الإمام أحمد وكلامه أم نتركك وكلامك. ثم اقرأ أيضًا قال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو داود سمعت أحمد سئل عن الرجل يكتب القرءان في شىء ثم يغسله ويشربه قال: "أرجو أن لا يكون به بأس". فكيف تقول يا خالد مافيش حاجة اسمها العلاج بالقرءان. ثم في كتاب "معرفة العلل وأحكام الرجال" (ص/278 ـ 279) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة قال أخبرني إسماعيل بن أبي خالد عن فراس عن الشعبي قال: "لا بأس بالتعويذ من القرءان يُعلّق على الإنسان". فماذا تقول في كلام إمام مجتهد معتبر من أكابر علماء أهل السنة والجماعة.وقال عبد الله ابن أحمد في كتاب مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ص/447: رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يُصرع وللحمّى ولأهله وقراباته. ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام أو شىء نظيف". وفي مصنف ابن أبي شيبة ما نصه: قال حدثنا أبو بكر قال: حدثنا علي بن مسهر، عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا عسُر على المرأة ولدها فيكتب هاتين الآيتين والكلمات في صحيفة ثم تُغسل، فتُسقى منها بسم الله لا إله إلا هو الحليم الكريم.
سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)} [سورة النازعات]، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ (35)} [سورة الأحقاف]، { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)} هذا نص ظاهر من سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة إلا إذا كنت على زعمك أفقه وأفهم من ابن عباس. أو تقول بزعمك هم رجال ونحن رجال. ولكن ستندم على كل مسئلة ضللت فيها وما أكثرها ولم تتب إلى الله، هداك الله للإسلام.
وفي كتاب الآداب الشرعية لشمس الدين بن مفلح الحنبلي ما نصه: قال المروزي: كتب إليّ أبو عبد الله من الحمى: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله ومحمد رسول الله {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} [سورة الأنبياء] اللهم ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحقّ ءامين، فهل لخالد الجندي كلام بعد كلام هؤلاء الأعلام.
ويرد عليه أيضًا بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه "أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يَقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا.
فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء. فجعل يقرأ بأم القرءان ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية؟ خذوها واضربوا لي بسهم".
وقال خالد الجندي أيضًا في شريط مسمى "كيفية الانتفاع بالقرءان": لا نستطيع أن نقول عن القرءان إنه شفاء للناس.
الرد: كأنه ما قرأ الآيات القرءانية التي فيها ذكر الشفاء فالله تعالى قال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (82)} [سورة الإسراء] وقال تعالى: {قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ (57)} [سورة يونس]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاء (44)} [سورة فصلت]، وجاء في الحديث الذي رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالشفاءين القرءان والعسل".
أما علمت يا خالد أنَّ رجلاً مرض ولده وأعيا الأطباء مرضه ثم رأى في الرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يكتب له ءايات الشفاء على وعاء ثم يمحوها بالماء ثم يسقيها الولد ففعل ذلك ثم شرب الولد وشفاه الله تعالى، ذكرها القشيري رحمه الله، فهذا شفي ببركة القرءان بسر الآيات فبعد هذا فكيف تقول إنّ القرءان ليس شفاء للناس والعياذ بالله تعالى.
* كلام لخالد الجندي فيه تشبيه الله بخلقه
يقول خالد الجندي في شريط مسمى "واستعينوا بالصبر والصلاة": "الله أكبر دي يعني إيه، الله أكبر يعني أكبر من كل شىء التكبيرة اسمها تكبيرة الإحرام. الله أكبر من مالي. الله أكبر من عيالي الله أكبر من عملي من شغلي" إلى أن قال: "الله أكبر من الدنيا كلها بأسرها. قال لو قلتلك فلان جميل تقولي الله أجمل فلان كبير الله أكبر فلان حسن الله أحسن".
الرد: لو رجعت إلى كلام أهل العلم في تفسير هذا اللفظ الشريف (الله أكبر) لوجدته موضحًا يزيل عن القلب كل توهم وريب، فإن معناه أنّ الله أكبر كبير قدرًا وعظمة لا حجمًا لأنّ الله منزه عن الحجم والكمية والجسمية ويصح تفسيره بمعنى الكبير. فكلمة "الله أكبر" على هذا مرادفة لكلمة كبير أي أكبر من كل شىء قدرًا لا حجمًا لأنّ الله هو خالق الحجم والجسم والكمية فلا يوصف بها لأنه تشبيه لله بخلقه.
ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر. وللفائدة هنا أشرح معنى (سبحان الله) فمعناه تنزيهًا لله من كل عيب ونقص أي تنزه الله عن كل ما لا يليق به من العجز والضعف والجهل والخوف والتغير والبداية والنهاية والشكل واللون والانفعال والحركة والسكون. ومعاني البشر كثيرة كلها منتفية عن الله تعالى بقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) } [سورة الشورى]. وأما قولك يا خالد فلان جميل تقول الله أجمل هذه توهم السامع من لم يتعلم علم العقيدة والتوحيد جمال المنظر جمال الشكل جمال الأعضاء لأنك لما تقول فلان جميل يفهم منه جميل الخلقة والشكل، والله منزه عن الشكل والجوارح والأعضاء. ومعنى إنّ الله جميل أي جميل الصفات أي صفاته كاملة أزلا وأبدًا كالوجود والإرادة والعلم والكلام والحياة وغيرها، أو معنى جميل أي محسن أي يحسن لعباده ويتكرم عليهم بنعمه. روى في شريط الرزق وإنفاقه خالد الجندي حديثًا قدسيًّا بزعمه: "الفقراء عيالي والأغنياء وكلائي فإذا بخل وكلائي على عيالي أخذت مالي ولا أبالي".
الرد: نقول لخالد مَن مِنَ الحفاظ روى هذا الحديث الذي تزعم أنه قدسي، فالإسناد من الدين فلولا الإسناد لقال من شاء ما شاء كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله. ثم هذه لفظة عيالي يفهمها بعض الناس على اللغة المحلية فيقعون في الكفر لأنهم يفهمون من كلمة عيال أبناء وليس المعنى كذلك فإن العيال في لغة العرب الناس الذي ينفق عليهم الشخص ولو كانوا أعمامه أو أخواله وزوجاته ووالديه بمعنى أنهم تحت نفقته ورعايته لكونهم محتاجين إليه ويكفيهم نفقاتهم، ولا يوجد في اللغة عيال بمعنى الأولاد وهذه العبارة من جملة ما أخرجه الناس عن معناه الأصلي. وهناك حديث ساقط شديد الضعف ليس صحيحًا يقوله كثير من الخطباء: "الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله". قال البخاري: هذا منكر الحديث، ولو صح هذا الحديث لكان معناه فقراء الله كما قال المناوي عند شرح هذا الحديث أي فقراء إلى الله.
* كلام لخالد الجندي ينسب فيه الجهة لله تعالى
قال خالد الجندي في شريطه المسمى الإيمان بالملائكة: "أول ما يعلن إنّو ربنا سبحانه وتعالى جاي، ولله المثل الأعلى هو القرءان قايلك كده في سورة الفجر {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(22) }".
الرد: هذا الكلام فاسد وهو قوله (إنو ربنا جاي) فإن الجاهل قد يتوهم أنّ الله أفرغ مكانًا وملأ ءاخر، يوهم أنَّ الله جسم وكمية وأتى إلى أرض القيامة، ويوهم أنّ الله له مكان في جهة فوق. ثم من يعلن على زعمك أنّ الله جاي، فإن كنت فهمت ذلك من هذه الآية: { وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(22) } [سورة الفجر] فهذه مشكلتك لأنك أسأت فهم الآية ولم تعلم معناها على الوجه الصحيح. فلو رجعت إلى تفسير الإمام المجتهد أحمد بن حنبل وهو من رؤوس السلف الذي أوّل تأويلاً تفصيليًّا لفهمت المراد والصحيح ولنفعت الناس بتأويل هذه الآية الشريفة، قال الإمام أحمد رحمه الله: "جاءت قدرته" أي أثر من ءاثار قدرته لأنّ يوم القيامة يوم الأهوال العظام، ومن ذلك أن سبعين ألف ملك يجرون جزءًا من جهنم كل ملك معه سلسلة اللهُ أعلم بضخامتها يقربونها من أرض الموقف يبقى بينها وبين أرض الموقف مسيرة أربعين سنة فيراها الكفار فيزدادون رعبًا وخوفًا وقلقًا واضطرابًا. وكل ملك من هؤلاء الملائكة في القوة يزيد على قوة البشر، ثم يُردُّ ذلك الجزء إلى مكانه، هذا شىء من واحد من كثير من أهوال القيامة، كذلك بقدرة الله حين يحضر الملائكة في سبعة صفوف لعظم ذلك اليوم حتى يحيطوا بالإنس والجن، ولا أحد يستطيع أن يخرج من هذا المكان ذلك اليوم تظهر أمور عظيمة. فحذار أن تفهم من أي ءاية متشابهة معنى فاسدًا يكذب{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(11)} [سورة الشورى].
* خالد الجندي يقول: إن مريم علَّمت نبي الله زكريا درسًا
قال خالد الجندي في شريط الرزق وإنفاقه: { قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)} [سورة ءال عمران]. فقال: "إنّ مريم علمت زكريا درسًا في ذلك كيف قال أنّى لك هذا". وعلق على كلمة أنّى، فلما بشرها جبريل بعيسى قالت أنّى يكون لي غلام. فقال: "وقعت في الخطأ الذي كانت نهت عنه".
الرد: ليعلم أنّ سيدنا زكريا عليه السلام لما كان يدخل على مريم عليها السلام في المحراب وهو مكان عبادتها الذي تعبد الله تعالى فيه وهو سيد المجالس وأشرفها في المسجد يجد عندها من الرزق وهو الفاكهة، ما لا يوجد مثله في البلد أو عند سائر الناس، فقد كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذه من الكرامات التي يكرم الله بها أولياءه وولياته، قال النسفي رحمه الله: "كان رزقها ينزل عليها من الجنة". قال لها زكريا عليه السلام من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو ءات في غير حينه؟ قالت: هو من عند الله فلا تستبعِد إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب. فهذا القول من زكريا عليه السلام لا يقدح في منصب نبوته وليس فيه غلط وخطأ كما زعم خالد. فهذا لا يكون شكًّا في قدرة الله ولا يكون غلطًا من سيدنا زكريا عليه السلام وليست السيدة مريم تعلّم سيدنا زكريا عليه السلام، فلما رأى سيدنا زكريا حال مريم في كرامتها على الله ومنزلتها رغب أن يكون له ولد وإن كانت زوجته عاقرًا لا تلد، فقد كانت أم مريم لا تلد أيضًا ثم الله رزقها مريم، فدعا الله تعالى أن يرزقه الذرية الطيبة، فبشره الله تعالى بواسطة الملائكة وهو قائم في محراب المسجد يصلي لله تعالى بيحيى نبيًّا من الصالحين. فشرع سيدنا زكريا يستعلم على وجه التعجب وسرورًا بالأمر العجيب وجود الولد له وليس على وجه الشك في قدرة الله على ذلك فالأنبياء عليهم السلام عارفون بالله تعالى ويعلمون يقينًا أنّ الله على كل شىء قدير لا يعجزه شىء. فكلمة "أنّى" ليست شكًّا في قدرة الله قال النسفي في تفسيره في قوله تعالى عن زكريا مخبرًا: {أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ (40)} [سورة ءال عمران]: "استبعاد من حيث العادة واستعظام للقدرة لا شكّا"، وذلك لأنّ سيدنا زكريا أثّر فيه الكِبَرُ وأضعفه وقد بلغ تسعًا وتسعين سنة وامرأته ثمانٍ وتسعين سنة ولا تلد. فأجيب: {قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (40) } وفي ءاية سورة مريم:{ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}. أيضًا السيدة مريم لم تغلط حين قالت ما ذكر عنها في القرءان:{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)} ومعنى "أنّى" هنا أي كيف يكون لي غلام وعلى أي صفة يوجد هذا الغلام مني أي الابن { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ(20) } أي زوج بالنكاح { وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)} أي فاجرة تبغي الرجال أي تطلب الشهوة من أي رجل كان ولا يكون الولد عادة إلا من هذين فمريم لم تقع في الخطإ في قولها أنى يكون لي غلام وأي ضير في هذا.
* خالد الجندي يزعم أن الله لا يرى عبده
قال خالد الجندي في شريط مسمى قراءة القرءان: "أوعا ربنا بيبص في هذه الأماكن ويدوَّر (يبحث) عليك ما يلئكش" (أي لا يجدك).
الرد: هذا الكلام فيه استخفاف بالله تعالى وتشبيه لله بخلقه، فانظر إلى قوله: "يدوّر عليك ما يلئكش" أعوذ بالله ما هذا الكلام والله تعالى يقول: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (61)} [سورة يونس]. وقال تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3)} [سورة سبإ]، والله تعالى يرى كل شىء برؤيته الأزلية الأبدية ويرى ذاته. ويرى كل المبصَرات لا يخفى عليه شىء. فقوله "يدوّر" يعني على زعمه لم يكن يراك ولا يعلم مكانك ثم لا يجدك وهذا كفر شنيع يعارض القرءان الكريم والأحاديث وإجماع المسلمين وصريح العقل. ثم في كلام الجندي نسبة الجهل لله بخلقه وهذا من أشنع الكفر قال تعالى عن نفسه: {عَالِمِ الْغَيْبِ(3)}.
*
. | |
|
Admin Admin
عدد الرسائل : 855 العمر : 40 العمل: : --- القارئ المفضل : ------ تاريخ التسجيل : 07/02/2009
| موضوع: رد: خالد الجندي في ميزان العقل والنقل (1) السبت 21 أغسطس 2010, 11:55 pm | |
| | |
|