من أسرار لا إله إلا الله
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ بارك الله فيكم ..
ممكن تعطيني رأيـــك بهذا الموضوع :
لا إله إلا الله
من اسرار ( لا اله الا الله)
أن جميع حروفها جوفية يحتاج مرددها إلى الاتيان بها من
خالص الجوف وهو القلب ..ء
ليس فى حروفها معجم "منقوط" اشارة إلى التجرد من كل
معبود سوى الله ..ء
هى اثنا عشر حرفأ على عدد شهور السنة منها أربعة حرم وهى
لفظ الله كما أن الأشهر الحرم أربعـــة فماً قالها
مخلصاً كفرت عنه ذنوب السنه ..ء
وهي مع محمــد رسـول الله أربع وعشرون حرفاً والليل
والنهار أربع وعشرون ساعة فكل حرف منها يكفر ذنوب ساعة
وكلماتها سبـع وأبواب جهنم سبـع فكل كلمة تسد باباً عن
قائلهــاً
وهذه الجملة لاتحتاج منا جهد ولا حتى تحريك شفاهنا
ومع ذلك نحن مقصرين في قولها
لا اله الا الله
كم تعادل من حسنة
نعم هل خطر ببالكم لا اله الا الله كم تعادل من حسنة ؟
سؤال يطرح نفسه ولكن لااحد يعبرها الا من رحم ربك.... لا اقصد اخواني اخواتي
شخصا محددا , بل هل تعرفونها كم تعادل من الحسنات ؟
انها تعادل 240 حسنة فاكثروا منها فهناك من يغفل الان عن ذكرها ,
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
لا يصح هذا لِعدة اعتبارات :
الأول : أن شهادة التوحيد ( لا إله إلاّ الله ) ليست اثنا عشر حرفا ، لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين ، وعددها أربعة عشر حرفا ( ل ا - إ ل هـ - إ ل ل ا - ا ل ل ل هـ ) ، أي : بعد فكّ الحروف المشددة ، هذا لو اعتبرنا شهادة التوحيد مُجرّد كلمة ، لأن الذي يشهد بالتوحيد لا يكتفي بـ ( لا إله إلاّ الله ) بل يقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله ) ، وكذلك شهادة أن محمدا رسول الله يقول المسلم ( أشهد أن محمدا رسول الله ) ، ولا يدخل الإنسان في الإسلام إلاّ بالإتيان بالشهادتين .
وليست شهادة التوحيد مع شهادة ( أن محمدا رسول الله ) أربعة وعشرين حرفا ، فالعبرة بعدد الأحرف كاملة وليست منقوصة ، فشهادة ( أن محمدا رسول الله ) عدد أحرفها (أ ش هـ د - أن ن - م ح م م د ا – ر س و ل – ا ل ل ل هـ ) .
الثاني : بُطلان مُقارنة شهادة التوحيد بأشهر السنة ، إذا علمنا أن حروف شهادة التوحيد ليست اثنا عشر حرفا .
وكذلك بٌطلان مقارنة شهادة أن محمدا رسول الله باليل والنهار ولا بعدد ساعاتهما !
وبُطلان اعتبار كلمات شهادة التوحيد كاملة سبع ؛ لأن شهادة التوحيد : ( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ) أكثر من سبع .
الثالث : أن حروف لفظ الجلالة (الله ) ليست جوفية ، فمنها ( الهمزة والهاء ) مَخرجها من أقصى الْحَلْق .
بينما ( اللام ) مَخرجها الحافّة الأمامية من اللسان .
فليس نُطق لفظ الجلالة (الله ) من باطن الجوف .
الرابع : قولهم : (من قالها مخلصاً كفرت عنه ذنوب السنة) ، وهذا لا دليل عليه ، بل من قالها مُخلصا من قلبه كُفِّرت ذنوبه كلها وليس ذنوب سَنة .
وكذلك قولهم : (فكل حرف منها يكفر ذنوب ساعة) ، هذه جُرأة على الله وعلى رسوله ، فمغفرة الذنوب وأسباب المغفرة أمْر غيبي لا عِلم للناس به إلاّ ما جاء في كِتاب الله وسُنة رسوله .
ومن أين لهم أن كل حرف يُكفّر ذنوب ساعة ؟
الخامس : قولهم : (كم تعادل من حسنة) ، وهل هي قرآن حتى يكون لقائلها بِكل حرف حسنة ؟!
وليس معنى هذا أن شهادة التوحيد ليس لها فضل ، بل فضلها عظيم ، ولو لم يكن في فضلها إلاّ أن صاحبها لا يخلد في النار ، لكفى .
قال عليه الصلاة والسلام : يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي أنه قال : إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا قَالَ عَبْدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قَطُّ مُخْلِصًا إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ . رواه الترمذي ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ . وقال الألباني : حسن .
وكلمة التوحيد هي أعظم كلمة .
قال عنها ابن القيم : كلمة قامت بها الأرض والسماوات ، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات ، وبها أَرسل الله تعالى رُسُله ، وأنزل كُتبه ، وشرع شرائعه ، ولأجلها نُصِبت الموازين ، ووُضِعت الدواوين ، وقام سوق الجنة والنار ، وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، فهي منشأ الخلق والأمر ، والثواب والعقاب ، وهي الحق الذي خُلِقت له الخليقة ، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب ، وعليها يقع الثواب والعقاب ، وعليها نُصِبت القِبْلَة ، وعليها أُسِّسَت الْمِلَّة ، ولأجلها جُرِّدَت سيوف الجهاد ، وهي حق الله على جميع العباد ، فهي كلمة الإسلام ، ومفتاح دار السلام ، وعنها يُسْأل الأولون والآخرون ، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين : ماذا كنتم تعبدون ؟ وماذا أجبتم المرسلين ؟ . اهـ .
ولا شك أن ما قيل في السؤال مما يُزعَم أنه من أسرار ( لا إله إلا الله ) من التكلّف ، والتكلّف مذموم .
فقد قال الله تبارك وتعالى لِنبيِّـه : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) .
والله أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم